لطالما شعرت بالاختناق وسط الفوضى التي يصنعها التراكم، سواء كان ذلك في قوائم الاتصال التي تضم أشخاصا لم أعد أذكر سبب وجودهم، أو الملابس التي تراكمت دون أن تُرتدى، أو حتى التطبيقات التي تستهلك مساحة الحاسوب والهاتف دون أن أفتحها إلا نادرا. من هنا بدأت في فهم واكتشاف ما يمسى بالمينيماليزم: فلسفة تدعو للتخلص من كل ما هو زائد والاحتفاظ بالضروري فقط.

أتخلص دوريا من الأرقام التي لم أعد أحتاجها، أصدقاء قدامى لم أعد أتواصل معهم، خدمات عفا عليها الزمن، أو يمكن العثور عليها بسهولة في Google Maps، كل من أتواصل معهم الآن، لهم مكان حقيقي في حياتي، وهم أربعة أو خمسة أشخاص على كل حال.

فبدلا من حقيبة أو خزانة مليئة بالملابس التي قد أرتديها مرة واحدة في السنة، أصبحت أمتلك مجموعة صغيرة تعد على رؤوس الأصابع، ملابس أحبها وأستخدمها باستمرار، وتخدمني دون عناء.

بل وصلت إلى مرحلة متطرفة، حيث أستطيع الآن عد كل ما أملكه بسهولة. مجموع أغراضي لا يتجاوز 30 قطعة، وأعيد عدها بين الحين والآخر لأتأكد من أنني لم أكسر هذا الرقم.

أقوم دوريا بحذف كل البرامج التي لا أحتاجها. حاسوبي الآن نظيف وخفيف، مع تطبيقات قليلة ومهمة تعزز الإنتاجية بدل أن تستهلك الوقت والطاقة.

واحدة من أفضل العادات التي تبنيتها هي ال Zero Inbox. كلما تلقيت رسالة، أعالجها فورا: أرد عليها، أرشفها، أو أحذفها. لا مكان للرسائل غير المقروءة أو المتراكمة.

الاحتفاظ بالأشياء يعني التزاما دائما:

  • الملابس تحتاج إلى غسل وترتيب.
  • الأجهزة تحتاج إلى شحن وإصلاح وتحديث.
  • قوائم الاتصال والتطبيقات والأغراض تحتاج إلى صيانة مستمرة.

كل هذه الأعباء الصغيرة تستهلك الطاقة دون أن نشعر. عندما نتخلص منها، نتحرر من حمل إضافي لا داعي له. ويصبح لدينا وقت أكثر للتركيز على ما هو أهم.

بل إنني قد وصلت لمرحلة متطرفة جدا من المينيماليزم، إذ لا أملك سكنا دائما، أغراضي يمكن حملها بسهولة في حقيبة ظهر، أينما ذهبت. لا أشياء إضافية تثقل كاهلي أو تربطني بمكان معين.

الحياة بهذه الطريقة ليست للجميع، لكنها بالنسبة لي تعني الحرية. كلما قلّت الأشياء التي أملكها، زادت حريتي، أعيش بحقيبة سفر وأشياء معدودة، لم أعد أسأل نفسي: “ماذا أحتاج؟” بل أصبحت أسأل: “هل هذا الشيء يضيف لي شيئًا؟”. وكلما كانت الإجابة لا، أتركه دون تردد.

إقرأ أكثر: